اختار الناخبون الإسرائيليون في الانتخابات العامة الـ21 لـ"الكنيست"، أمس (الثلاثاء) بين السيِّىء والأكثر سوءً.
وكان التنافس على الحساب الفلسطيني، ومن يُمارس انتهاكات أكثر ضد حقوق أصحاب الأرض الأصليين، والعمل على تكريس يهودية الكيان وشرعنة الاستيطان.
فقد أظهرت النتائج الأوّلية لانتخاب 120 نائباً، فوز حزب "أزرق أبيض" برئاسة رئيس الأركان السابق لجيش الاحتلال الجنرال المتقاعد بيني غانتس، على الرغم من دخوله بشكل متأخر إلى الحياة السياسية، والذي يرمز شعار حزبه إلى ألوان العلم الإسرائيلي، بـ37 مقعداً، متقدماً على حزب "الليكود" برئاسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي نال 36 مقعداً.
وعلى الرغم من تقدّم حزب "أزرق أبيض" على "الليكود"، فإن ذلك لا يعني أن غانتس ضمن تكليفه تشكيل
الحكومة، لأن هذا التقارب يعني الحاجة إلى مشاورات يجريها رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين مع زعماء الأحزاب المُتمثلة في "الكنيست" ضمن مهلة لا تتجاوز 24 الجاري، لترشيح من سيشكل الحكومة، وليس بالضرورة أن يكون التكليف محسوماً لأكبر قائمة تفوز بالانتخابات.
وإذا كانت نتائج استمالة المعسكريين المتنافسين قريبة، فلا يُستبعد أن يُحاول اقناعهما بتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة مشتركة.
وفي ضوء نتائج الانتخابات النهائية، بعد احتساب أصوات قوات البحرية وجنود الاحتلال في الخارج، تتضح الصورة أكثر، التي من المقرر أن يُعلن عنها صباح اليوم (الأربعاء)، خاصة مع امكانية نتنياهو أو غانتس، إغراء بعض الأحزاب للمشاركة في الحكومة، وفق مصالح كل من هذه الأحزاب.
وأعلن كُلاًّ من نتنياهو وغانتس عن فوزهما بشكل مستقل، في الانتخابات.
وقال نتنياهو في تغريدة له عبر "تويتر": "فازت الكتلة اليمينية بقيادة "الليكود" بشكل واضح، أشكر مواطني إسرائيل على ثقتهم، سأبدأ في تشكيل حكومة يمينية مع شركائنا الليلة".
أما غانتس فقد قال في تغريدة عبر "تويتر": "فزنا، لقد تكلم شعب "إسرائيل"، شكراً لآلاف النشطاء وأكثر من مليون ناخب في هذه الانتخابات، هناك فائز واضح وخاسر واضح".
وبذل نتنياهو سعيه من أجل الفوز بفترة حكم خامسة لتشكيل أكثر حكومة قوية متطرفة في تاريخ الكيان
الإسرائيلي، ليكون أطول من تولى منصب رئاسة الحكومة في تاريخ الكيان الإسرائيلي، ويتفوق على مؤسس الكيان ديفيد بن غوريون، ويبعد عنه شبح المحاكمة بملفات تلاحقه بدعاوى الفساد والرشاوى.
وتعمد نتنياهو بخبثه، حث الناخبين على التخويف والتحريض ضد منافسه غانتس، بأنه "يعقد اتفاقاً مع العرب للوصول إلى رئاسة الحكومة"، لرفع نسبة التصويت المنخفضة، ووجود استهتار من قبل ناخبي "الليكود" لعدم الاقتراع، ما سيؤدي إلى فوز حزب "أزرق أبيض".
جرت الانتخابات في ظل حظوظ متقاربة للمتنافسين للمرة الأولى منذ سنوات عدّة، حيث توزع الناخبون على جماعات اجتماعية ودينية وعرقية متعددة، وفي ظل تطبيق "قانون اليهودية" العنصري، الذي ستكون له مفاعيله، وقد يصل لاحقاً إلى الاكتفاء باقتصار حق الترشح على يهود دون الآخرين، الذين يُمكن الإبقاء على اقتراعهم، على اعتبار أنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
فقد اقترع 3296250 - أي ما نسبته 61.3% من أصل 6339279 ناخباً.
وطغت على الاستحقاق الحملات الشرسة، التي تمّ التركيز فيها على تشويه السمعة، مع حث الناخبين على أهمية المشاركة بالاقتراع.
وأظهرت الإحصاءات تدني نسبة الاقتراع، التي فتحت عند 7 صباحاً، حيث بلغت حتى 6 مساءً 52%، لتتكثف الدعوات للناخبين للتوجه إلى التصويت، وأقفلت عند 8 مساءً على 61.3%، مع مناشدات وجهت إلى "لجنة
الانتخابات المركزية" لتمديد فترة التصويت حتى 11 ليلاً، بسبب الكاميرات السرية المثبتة في مراكز الاقتراع.
وشكلت نسبة الحسم في الانتخابات البالغة 3.25% من عدد المقترعين، اقصاءً لعدد من الأحزاب، لم تتمكن من تجاوزها، ما أفقدها أصوات ناخبيها، وهو ما انعكس إيجاباً لصالح الأحزاب الكبرى، خاصة في معسكر اليمين.
وانعكست حالة الاحباط في أوساط الناخبين الفلسطينيين والعرب، احتجاجاً على القانون العنصري، وعدم الائتلاف في "قائمة مشتركة"، ما أدى إلى لا مبالاة وتراجع في التصويت، والذي وصل إلى 44%، وهو ما شكل سلاحاً ذو حدين، لجهة حرمان الأحزاب العربية من مقاعد، والذي استفاد منه معسكر اليمين المتطرّف.
وأعلن النائب الفلسطيني في الكنيست أحمد الطيبي أن "البقاء في المنزل هو استسلام للعنصريين والواقع القائم، الأقليات في جميع أنحاء العالم يجب أن تكون أكثر نشاطاً من الأغلبية، ويجب أن تكون كذلك في المجتمع العربي".
وفي محاولة من المعسكر اليميني لمنع البدو في النقب من التصويت، الذي لا تصب أصواتهم لصالحه، تقدّم حزب "الليكود" وجمعية "إم ترتسو" بالتماس إلى لجنة الانتخابات المركزية، ضد حركة "زازيم" (نتحرك)، التي خططت لنقل الناخبين البدو إلى صناديق الاقتراع.
ورفضت "لجنة الانتخابات المركزية" التماس منع نقل الناخبين، والذين عليهم قطع مسافة 40 كلم للوصول إلى مراكز الاقتراع، بعدما كانت "لجنة الانتخابات" وضعت 11 صندوق اقتراع في هذه القرى، التي لا يعترف بها الاحتلال.
وعبر وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال غلعاد إران (الليكود) أن هدف حزبه والأحزاب اليمينية هو "إسقاط قائمة عربية لترسيخ حكم اليمين"، داعياً أنصار "الليكود" إلى "زيادة التصويت".
جرت الانتخابات وفق إجراءات أمنية مشددة اتخذتها سلطات الاحتلال، التي نشرت آلاف الجنود و"حرس الحدود" والشرطة والخيالة والمخابرات.
وتحولت مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، بإقامة حواجز في شوارعها وطرقاتها وعند بواباتها.
فيما جرى فرض طوق أمني شامل على دخول الفلسطينيين من محافظات الضفة الغربية إلى القدس والأراضي المحتلة منذ العام 1948، وإغلاق المعابر مع قطاع غزة.